أنت هنا

الإحتفال باليوم العالمي للغة العربية

بتشريف من سعادة وكيل الجامعة للشؤون التعليمية والاكاديمية أ.د.عبد العزيز بن عبدالله العثمان نيابة عن معالي مدير جامعة الملك سعود الأستاذ الدكتور بدران بن عبد الرحمن العمر أقام معهد اللغويات العربية احتفاله السنوي باليوم العالمي للغة العربية. هذا اليومُ الذي جاء تكريما للغة الضاد بعد سنوات من المعاناة على الصعيد الدولي. فلم يرق قلب العالم الحديث للعربية ويعترف بها لغةً دوليةً إلا في خمسينيات القرن الماضي مع قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة رقم 878 الذي أجاز فقط استخدامها في الترجمة، ثم سمح في عام 1960 باستخدامها في المؤتمرات الإقليمية في المنطقة العربية. وفي عام 1966 حين عزًز استخدامها في اليونسكو، وحين وافقوا على أن تكون لغة شفويةً خلال انعقاد دورات الجمعية العامة للأمم المتحدة وذلك في عام 1973، ثم جاء انتصارها الأخير مع قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة رقم 3190 لعام 1973، والذي أوصى بها لغةً رسميةً بالأمم المتحدة، حيث تقرر اعتبار يوم الثامن عشر من ديسمبر يوماً عالمياً للغة العربية.

ومنذ ذلك اليومِ وكل الجهاتِ المعنيةِ باللغة العربيةِ تحتفل بيوم اللغة العربية، ومعهد اللغويات العربيةُ واحد من تلك الجهات، بيد أنً احتفالَ معهد اللغويات العربية يمكن اعتباره احتفالاً من نوعٍ خاص. تأتي هذه الخصوصية لأن المعهد إضافةً إلى تكريمه للغة الضاد في المقامِ الأول، إلا أنه يحتفي في كل عامٍ بمن أحبوها، وعشِقوها، وعرفوا قيمتها، وشدوا الرحالَ من أجلها. فلا يعرف كنه الشيء إلا من عرف قيمته وأدرك معناه وصانه وحفِظه وظلل عليه.

ففي الوقتِ الذي تُهمل فيه العربية من قِبلِ أبنائها، بل حوربت وتحارب من بعض أهلها في حملاتٍ مسعورةٍ شهدتها القرون الماضية ويشهدها عصرُ العولمة، على اعتبار أنها لا تصلح للحياة اليوميةِ، مفضلين عليها اللهجات العامية، ومتشدقين باستخدام لغات أجنبيةٍ - يرونها عالميةَ - دسَوها بين كلماتهم، يشهدُ معهد اللغويات العربيةُ تكريماً يومياً للغة القرآن من طلابٍ أحبوها وعشقوها، جاءوها من كل حدبٍ وصوب، وجميعهُم على اختلاف مشاربهم يتمنون أن يتعلموها ويتقنوها. بعضُهم كانت العربيةُ حُلماً بالنسبةِ له، لأنها لغةُ قرآنهم وسنتهم النبوية. أرادوا التعمق فيها وسبر أغوارها، حتى أولئك الذين ليست العربيةُ من دينهم لديهم نفس الهدف.

العربيةُ التي دخلت بكثير من مفرداتها في لغاتٍ كثيرةٍ عبر الإسلام كالتركيةِ والفارسية والأوردية والماليزية والإندونيسية والألبانية...، علاوة على دخولها في لغات إفريقية كلغة الهوسا والسواحيلية....، جاء أصحابُ كل تلك اللغات ليدرسوها عن قرب، فما عرفوه لا يشفي غليلَهم ولا يرضيهم، فمعظمهم يحفظُ القرآن ولا يدركُ جُلً معانيه. بعضُهم يتمنى أن يعمل بالدعوة في بلاده، وبعضهم مدرسون في بلادهم جاءوا للتدريب، والعربية جزءٌ لا يتجزأ من تخطيطهم المستقبلي. أليس هذا تكريماً للغة القرآن؟

مئات الجنسيات جاءت للمعهد عبر سنواته الطوال. درسوا وتخرجوا. يتعدَى العددُ الخمسين جنسية في الفصل الدراسي الواحد، من شتَى أقطارِ الأرضِ. وللمعهدِ خريجوه في مختلفِ البلدان.

أحد الدارسين في الفصل الدراسي الحالي تخرج أبوه من المعهد منذ أكثر من عشرين سنةٍ، أرسله ليكمل خطاه. الأمواج تترى، والرسالةُ مستمرةٌ. فلا عجبَ إذن أن نقول إن احتفال معهد اللغويات العربيةِ هو احتفالٌ خاصٌ، فالمعهدُ يحتفلُ بالعربيةِ وبخريجيه ممن درسوها، والذين يملأون جنبات الجامعةِ وينتشرون في كلياتها، بل وينافسون على المراكز الأولى في الكليات. يحفل المعهد بالدارسين الحاليين الذين جاء معظمهم صفرَ اليدين لا يعرف من العربيةِ حرفاً، فأصبح الواحد منهم يناقش ويحاور ويتحدث عن تجربته الذاتية مع العربيةِ، ويفخرُ بأنَه يخطو خطواتٍ وطيدةً في طريقِ فَهم العربيةِ. وصدق القائلُ: " ليست العربيةُ لأحدكم من أبٍ ولا أم، وإنما هي من اللسانِ. فمن تكلم بالعربيةِ فهو عربيٌ".

تعليمُ العربيةِ ونشرُ ثقافتها هدفٌ من أهدافِ معهد اللغويات العربيةِ، علاوةً على تدريبِ معلمي اللغة العربيةِ وإمدادهم بأحدث النظريات في مجال اللغةِ وعلم اللغة التطبيقي. والمعهدُ ماضٍ في أداءِ رسالته. لقد قال الشافعي - رحمه اللهُ -: " ما جهل الناسُ ولا اختلفوا إلا لتركهم لسانَ العربِ"، والثعالبي يقول: " اللغة العربيةُ خيرُ اللغاتِ والألسنةِ، والإقبالُ على تفهمها من الديانةِ، ولو لم يكن للإحاطة بخصائصها والوقوفِ على مجاريها وتصاريفها والتَبحرِ في جلائلها وصغائرها إلا قوة اليقين في معرفة الإعجاز القرآني، وزيادة البصيرة في إثبات النبوة، الذي هو عمدة الأمر كله لكفى بهما فضلاً يحسن أثره ويطيب في الدارين ثمره".

من هنا يرى معهد اللغويات العربية أنَ احتفاله السنوي ما هو إلا تتويجٌ لأهدافه وإستراتيجياته التي وضعها في الأساسِ خدمةً للغة الضاد. نعم حفظها الله سبحانه وتعالى في قرآنِه وسنة نبيِه، ولكن دورَنا يحتم علينا أن نصونها ونمارسها ونقف في مواجهة كل من يريدُ طمسَها وإيقاف مسيرتِها.

وقد أحتوى حفل معهد اللغويات العربية هذا العام - والذي شرفته إدارة الجامعة بالحضور - على فقرات أبرز فيها الطلابُ مواهبهم بإلقاء القصائد والأناشيد، وحكوا فيها عن تجاربهم مع اللغة العربية: كيف أحبوها، وكيف تعلموها، وما هي أحلامهم المستقبلية. هذا علاوة على المعرض المصاحب للاحتفال، والذي ضم لوحة بكل جنسيات طلاب المعهد الذين جاءوا من كل أقطار الأرضِ، وعرضاً للخط العربي بمشاركةٍ من النادي الفني بكلية التربية، إلى جانب عرض للإنتاج العلمي لمنسوبي معهد اللغويات العربيةِ، والذي وُظِفَ في مجمله إسهاماً في خدمة لغة الضاد.

صور من الإحتفال

وكيل الجامعة للشؤون التعليمية والاكاديمية أ.د.عبد العزيز بن عبدالله العثمان يقص الشريط لإفتتاح المعرض المصاحب للإحتفال

صورة للحضور في مقر الإحتفال باليوم العالمي للغة العربية

وكيل الجامعة للشؤون التعليمية والاكاديمية أ.د.عبد العزيز بن عبدالله العثمان يلقي كلمته في الإحتفال

صورة للأحد الطلاب يلقي كلمة بمناسبة الإحتفال باليوم العالمي للغة العربية

صورة جماعية تجمع اعضاء هيئة التدريس والطلاب وضيوف الإحتفال