فاء العاقبة .. من الإفطار إلى التفطير قراءة في نص شعري قديم
كتب: علي الجنيدي-الإعلامية
نظّمت وحدة أبحاث الشعريات في قسم اللغة العربية وآدابها محاضرة بعنوان: فاء العاقبة .. من الإفطار إلى التفطير؛ قراءة جديدة في نصٍ شعريٍ قديم. يوم الأربعاء 22/ 1/ 1437ه. قدمها طالب الدكتوراه بالقسم الأستاذ زيدان عودة.
وقد تناول فيها الباحث نصًا شعريا قديما للمعتمد بن عباد, قاله مأسورا في سجن أغمات, وهو يرى بناته يغزلن؛ ليوفرن له ولهنّ القوت:
فيما مضى كنت بالأعياد مسرورا فساءك العيد في أغمات مأسورا
وبدأ الباحث بعرض المستوى الصوتي الإيقاعي القائم على تكرار بعض الأصوات ذات الدلالة السيميائية ضمن النسيج العام للنص, كتكرار الفاء في بداية النص ونهايته, وهي ما أسماه الباحث بـ"فاء العاقبة" للإشارة السيميائية الخفية المكنونة وراءها المتمثلة في اختزال النص كله في الضياع وانفراط عِقد الملك, وهو ملمحٌ سيميائي تضافر على تجسيده جميعُ مستويات النص البنائية؛ مما جعل الذات المتكلمة (التي هي لحظة الوعي) منفصلةً عن الذات التاريخية اللاواعية بالمعيش؛ لانغماسها في الماضي, هذا الانشطار والتشظي للذات جسدته الأفعال الماضية والمضارعة للنص, كما جسدته فاء العاقبة "فساءك العيد"؛ مما يخلق لعبة الحضور والغياب: فيما مضى = حضور, "فساءك" = غياب. جعل الشاعر يتخيل ساردًا لنصه عليمًا بتفاصيل الشخصية؛ كأنما صار المعتمد شخصين: أحدهما يعيش في الماضي بحلة الملك, والآخر أسيرًا في أغمات, وهذه الفاء –كما يشير الباحث- هي صوتيم القصيدة, ومفتاح قراءتها: "فيما مضى (عكس) فساءك, وأفطرت (عكس) فكان فطرك للأكباد تفطيرا. حيث ترتب عليها واقعان زمكانيان: الحاضر بآلامه وأحزانه "أغمات" (انفصال الذات عن السلطة والملك), والماضي بعزه وكبريائه "إشبيلية" (اتصال الذات بالسلطة والملك), ومن ثم تناقضات بين الحضور والغياب, مُثلت في جميع مستويات النص؛ أفعاله ومشتقاته, وحروفه, ومستويات تلفظه مؤدية جميعها إلى تشظي الذات وإنكارها-على المستوى النصي- واقعها ومعيشها.
وبعد أن ختم الباحث المتميز زيدان عودة بحثه أدار مدير الندوة الدكتور حسين المناصرة ومن الجانب النسائي الأستاذة أريج السويلم, النقاش والمداخلات من الأساتذة الحضور وطلاب الدراسات العليا, وقد تلخصت تلك الملاحظات في إثارة الجدل حول شخصية المعتمد بن عباد التاريخية ما بين ممجدٍ لها ومنتقصٍ منها, كما حملت تلك المداخلات الشكر والثناء لتميّزه وجودة قراءته النص, كما نحت بعض الملاحظات نحو طرح بعض الأسئلة التي أثرت الحلقة النقاشية, وفتحت أبواب الأسئلة من جديد للشعر الأندلسي.
حضر اللقاء الدكتور علي المعيوف وكيل كلية الآداب للدراسات العليا والبحث العلمي, ورئيس قسم اللغة العربية الدكتور خالد بن عايش الحافي, والدكتور محمد عبدالله منور رئيس وحدة أبحاث الشعريات, وجمع كبير من الأساتذة والأستاذات وطلاب وطالبات الدراسات العليا في الكلية.
وفي ختام الندوة قام الدكتور محمد عبدالله منور رئيس وحدة أبحاث الشعريات, والدكتور خالد بن عايش الحافي رئيس قسم اللغة العربية وآدابها, والدكتور علي المعيوف وكيل كلية الآداب للدراسات العليا, بتقديم درع وحدة أبحاث الشعريات للباحث زيدان عودة تقديرًا لجهوده.