Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.
Skip to main content

تقرير: ندوة "نحو وصف معاصر للعربية"، للأستاذ الدكتور إبراهيم الشمسان.

                                       نحو وصف معاصر للعربية

          أقامت وحدة الدراسات النحوية واللغوية بالتعاون مع الندوة العلمية في قسم اللغة العربية بجامعة الملك سعود يوم الثلاثاء ٢٩\١\١٤٤٠هـ ندوة بعنوان: نحو وصف معاصر للعربية. قدم الندوة الأستاذ الدكتور إبراهيم الشمسان، وأدارها الأستاذ الدكتور محمد الشهري والأستاذة الدكتورة مها الميمان.

          وقد بدأ الدكتور الشمسان حديثه بمكانة اللغة العربية وأنها لغة آخر رسالة، يقبل على تعلمها أفئدة من كل أنحاء العالم، رغم ظرفها التاريخي فلا هي لغة علم أو عمل مقابل لغات عدة أحسن أهلها التعامل معها علما وعملا. وفي الوقت نفسه، تنشر الكتب والروايات بدون تدقيق بحجة عدم التخصص، علاوة على وصفه أن البلاء قد يقع من قبل المتخصصين؛ ونتيجة إلى ذلك، يرى هؤلاء إيجاد نظرة جديدة إلى العربية وتوصف وصفا جديدا، منطلقين من فكرة غربية مفادها أن اللغة ما يستعمله الناس وأن القواعد كانت في زمن مضى.

          ويرى أن هذا لا يصدق على لغة القرآن وإن صدق على غيرها، مقارنا بين العربية والإنجليزية التي مرت بأطوار جعلت لغة شكسبير مثلا تختلف عن الإنجليزية المعاصرة. ويبرر أن النحو ثابت، وما تزال جهود العلماء في وضع النحو محل دهشة، مع اعترافه بوجود مسائل تحتاج إلى مراجعة.

          ويصف الشمسان العربية المعاصرة بالترهل اللغوي والاستعمال الموجز للمعاني، ومضى في ذكر أمثلة متعددة على ذلك كإغفال شرط المطابقة بين النعت والمنعوت، وتجنب بناء الفعل للمفعول، وغياب الفرق بين الأبنية الصرفية وغيرها، مما جعله يعبر عن بالغ قلقه إزاء قضايا التعبير الناتجة عن الترجمة من اللغة الإنجليزية.

          ويوضح أنه ليس ضد الوقوف على سمات اللغة المعاصرة، لكنه وصْف يردها إلى أصولها ردا جميلا، فالحديث مشروع ما يزال ملتزما بأبنية اللغة الصرفية والنحوية، والتجديد مطلوب، وندرك الحاجة الماسة كمشتغلين بالنحو إلى المراجعة. وفي هذا السياق، أثنى على إنشاء وحدة للدراسات النحوية واللغوية تأتي العربية في زمرة اهتمامها لتكون لغة علم وعمل حريصين على المحافظة على سماتها القديمة؛ فنقرأ الصحف كما نقرأ الشعر الجاهلي، ونعلمها صغارنا خير تعليم، مبديا استياءه من تحدث الجيل الجديد بلغات أجنبية في عقر دارنا.

          ويبدو أن الحديث عن العربية المعاصرة ذو شجون، إذ تنوعت المداخلات حول هذا. يرى الدكتور أحمد العطية أن اللغة كائن حي ينمو، وتكتسب الألفاظ دلالات متنوعة، لكن المهم أن نحافظ على قانون اللغة، إذ لا مانع من تطوير أساليب النحو وتبسيطه ، ولكن لا نشوهه ونجعل قوانين أخرى تحل محل هذا القانون. وتعقيبا على قراءة لغتنا المعاصرة كقراءة الشعر الجاهلي تصفه الدكتورة هند المطيري بأنه طموح،  ولن يتحقق إلا بتعزيز اللغة عند الأجيال والنظر إليها على أنها اللغة الأولى.

          ويتفهم الدكتور علي المعيوف أن تجدد الاستخدام اللغوي في العربية المعاصرة واختلافه عن العربية الفصحى أمر قد يستدعي وصف هذه اللغة ثم استنباط القواعد واستخدامها على أنها الفصحى، لكنه في المقابل يؤكد على أن العربية التي وصلت إلينا منذ أربعة عشر قرنا تعد إرثا عظيما، ونسيان ذلك أو تجاهله هو المشكلة الحقيقية.

          وتضيف الدكتورة وسمية المنصور عطفا على العنوان " نحو وصف معاصر للعربية" أن وصف اللغة ليس فقط وصف للتراكيب،  لكن الخروج قد مس الصوت،  والبنية الصرفية للكلمة، والدلالة ، والخلط بين المستوى الإملائي والنحوي. ومضت في ذكر الأمثلة كإضافة الياء إلى ضمير المؤنث، وهي إشارة قديمة وردت عند سيبويه. وفي هذا الصدد،  تحمل الدكتورة وسمية الأقسام معالجة هذا الخروج ومراقبة وسائل الإعلام فيما يذاع،  ويكون هناك فرق للمتابعة. وترى أن الأجيال القديمة حافظت على الفصاحة لأنهم تلقوا اللغة من الكتاتيب؛ لذلك تقترح التركيز على الدرس القرآني لكونه أسهل في التناول من الشعر الجاهلي ، وهو انطلاقة إلى استقامة التعليم.

          ويرى الدكتور صالح الزهراني أن من صالح العربية أن تستوعب الترجمة. ومع تقدير الدكتور الزهراني لأهمية ما أشار إليه الدكتور الشمسان ،  إلا أننا في تجاهل العربية المعاصرة أمام ما وصفه بـحرب خاسرة، فمن صالح اللغة العربية أن تستوعب الآثار المترتبة على الترجمة. صحيح أنها ليست فصيحة ولكنها مقبولة. وتقترح الأستاذة الجوهرة المعيوف أن يتولى القسم إصدار مذكرة بتعديلات الصياغة الصحيحة للخطابات بداية في حدود الجامعة، أملا في أن يشمل مع الزمن قطاعات الدولة.

          ويرجع الدكتور حسن الفيفي السبب الرئيس في العربية المعاصرة إلى التعليم فالذين أصبحوا مثقفين هم الذين كتبوا وأثروا ، ولا يرى جدوى الوقوف ضد العربية المعاصرة؛ فهي في نظره أيضا حرب خاسرة؛  لأن اللغة في أصلها سماعية مستشهدا بتفشي العامية وغرابة الفصحى. وهو لا يرى أن الخطر في الأساليب،  لكن الخطر في استعمال الكلمات الأجنبية موضحا أننا نصارع لغة أخرى وليس استخدامنا، وذكر أنه توقع من عنوان المحاضرة أنه سيقدم توصيفا جديدا للغة العربية يجعل النحو أسهل.

          وتساءلت الدكتورة ذكرى القبيلي أين نحن من سلطة الاستعمال وكون اللغة متغيرة؟  فما المشكلة إذا كان الجديد يختصر شيئا ويواكب العصر ولا يعارض أو يفسد معنى؟ فهل لو حضر شاعر جاهلي سيفهم كل ما نقول؟ مجيبة أن الواقع يفرض نفسه.

          وفي محاولة الدكتور إبراهيم الرد على المداخلات ذكر أن تنمية الاعتزاز باللغة مسألة قومية ليست متعلقة بالأساتذة،  وأن وصف العربية المعاصرة من أجل توضيح اللغة التي نتحدث بها. أما القواعد المثبتة في اللغة فهي المبنية على جمهرة الاستعمال، ولا ينبغي الانهزام أمام الأخطاء وعادات الناس.