تأليف: وليد بن هليل المطيري

إصدار: كرسي الملك سلمان للدراسات التاريخية

تقديم: أ. د. عبدالله بن ناصر السبيعي

 

يعد هذا الكتاب غير مسبوق في موضوعه، إذ يتناول تفصيلاً لثلاث غزوات وثمان سرايا شملت مناطق واسعة من نجد، وبذل المؤلف فيه جهدًا متميزًا من البحث والاستقصاء والتحليل، وقدم لهذا الكتاب الأستاذ الدكتور عبدالله بن ناصر السبيعي، المشرف على كرسي الملك سلمان بن عبدالعزيز للدراسات التاريخية والحضارية للجزيرة العربية بجامعة الملك سعود.

الإطار المكاني للكتاب إقليم نجد، والإطار الزمني عصر النبوة «العهد المدني»، وانحصرت تلك الغزوات والسرايا في الفترة من شهر شوال من السنة الثانية للهجرة وحتى شهر ربيع الآخر من السنة التاسعة للهجرة.

وحسب الكتاب كانت بداية العلاقة بين النبي صلى الله عليه وسلم والقبائل النجدية في أسواق مكة عندما كانت تلك القبائل تفد للحج والتجارة، والتقاهم النبي صلى الله عليه وسلم وعرض عليهم أن يحموه وينصروه ليبلغ دعوة الله، لكنهم لم يستجيبوا في بادئ الأمر، وبعد أن أمر المسلمون بالقتال في المدينة لم يبدأ النبي صلى الله عليه وسلم بالقبائل النجدية في بادئ الأمر، إلا بعد أن ظهرت منهم نوايا لتهديد الدولة الإسلامية، فاتجه النبي صلى الله عليه وسلم إليهم بنفسه، وأرسل إليهم السرايا والبعوث وعددها ثلاث غزوات وثمان سرايا، شملت مناطق واسعة من نجد فأقصى نقطة وصلتها من جهة الغرب «قَطَن» ومن الشمال «جبال أجا» ومن الجنوب صحراء «السّيّ».

وحدد المؤلف ثلاثة أسباب لتلك الغزوات والسرايا، الأولى سياسية، والثانية اقتصادية، والثالثة دعوية، وقسم الكتاب إلى تمهيد وثلاثة فصول، تحدث في التمهيد حول سبب تسمية «نجد» بهذا الاسم والأقوال والخلافات الواردة في ذلك، وكذلك حول تحديد موقع «نجد»، وخصص الفصل الأول للأحداث والوقائع النبوية في غربي نجد وتحدث فيه عن الغزوات والسرايا في منطقة غربي نجد من حيث موقعها وأسبابها ونتائجها والمشاركون فيها والدروس والفوائد المستفادة من كل منها، والفصل ا

لثاني للأحداث والوقائع النبوية في جنوبي نجد، والثالث للأحداث والوقائع النبوية في شمال نجد.

وفي خاتمة الكتاب ذكر أبرز النتائج للدراسة التي قام بها، ومنها أن دراسته أوضحت أن العلاقة بين الروايات الحديثية والروايات التاريخية علاقة تكاملية وليست عكسية، فروايات المحدثين تركز على الشاهد وروايات المؤرخين تركز على المشهد والتفاصيل الدقيقة للخبر.

وكذلك بينت الدراسة أنه يمكن الاستعانة بالروايات الضعيفة لإكمال الخبر التاريخي، بشرط ألا تحتوي على أمور عقائدية أو حكم تشريعي. وأظهرت الدراسة مدى عداوة غطفان وبني سليم للدولة الإسلامية واستخدام كافة السبل للقضاء عليها ويرجع سبب ذلك لحلفهم مع قريش ومجاورتهم للمدينة.

كما توصل من خلال الدراسة إلى أن الغزوات والسرايا الإسلامية جنت ثمارها على المدى البعيد، ففي السنة التاسعة للهجرة جاءت جميع القبائل النجدية إلى المدينة على شكل وفود لإعلان دخولهم في الإسلام.

وأكدت الدراسة أن اختيار قادة الغزوات والسرايا كان منوطاً بعدة اعتبارات منها السابقة للإسلام، وامتلاك الحس العسكري، وما يمتازون به من قوة وصلابة، وأن يكونوا من القبيلة نفسها غالباً، وحددت الدراسة بعض المواضع في عصر الرسول صلى الله عليه وسلم كانت مجهولة في عصرنا الحاضر.