أنت هنا

مشاركة الباحثين من أعضاء هيئة التدريس والباحثين الشباب في إجراء البحوث مع الاستعانة بالخبراء من مختلف دول العالم تهيئ الفرصة لتواصل الأجيال، واستمرار البحوث، واكتساب الخبرة

تستحق تجربة الجامعات السعودية في تأسيس الكراسي البحثية نظرة تقويمية بعد مرور سنوات على تأسيسها، لأن أهدافها المعلنة كبيرة، وأهمها تحقيق التميز في مجال البحث والتطوير واقتصاديات المعرفة، حتى تتبوأ المملكة المكانة العالمية التي تستحقها في الإبداع والابتكار، وقد استطاعت الجامعة تأسيس أكثر من 110 كراسي بحث في مختلف مجالات العلوم الصحية والعلمية والزراعية والهندسية والإنسانية، وحظيت هذه الكراسي بدعم من قبل خادم الحرمين الشريفين وولي العهد الأمين وأصحاب السمو الأمراء بالإضافة إلى رجال الأعمال والشركات والمؤسسات.
وفي رأيي أن شراكة المجتمع في بلوغ هذا الهدف من أهم مكتسبات التجربة، لأن إسهام رجال الأعمال والشركات الكبرى والميسورين من أبناء هذا الوطن في تبني الأبحاث العلمية في المجالات المختلفة يرسخ قيمة الانتماء إلى الوطن، ويجعلهم يعبرون عن ذلك بصورة إيجابية، ويحقق لهم تقدير المجتمع، واحترامه.
كما أن مشاركة الباحثين من أعضاء هيئة التدريس والباحثين الشباب في إجراء البحوث مع الاستعانة بالخبراء من مختلف دول العالم تهيئ الفرصة لتواصل الأجيال، واستمرار البحوث، واكتساب الخبرة، والتوق إلى الإبداع والتميز.
ما حملني على طرق هذا الموضوع اطلاعي على تقرير لأحد هذه الكراسي، وأعني كرسي المهندس عبدالله أحمد بقشان لأبحاث النحل، وحقيقة قد شعرت بالفخر وأنا أقرأ عن إنجازات هذا الكرسي الذي نال جوائز وطنية وعربية ودولية عدة عن اختراعات وابتكارات تخدم صناعة النحل، مما يعني بلوغه هدف التميز والابتكار، والإسهام في توطين تقنية واحدة من أهم الصناعات التي تستحق الاهتمام.
وأهمية هذه الصناعة أنها تتعلق بثروة وطنية، هي هبة إلهية، ولا تحتاج إلا إلى القليل من الاهتمام لتنمو وتزدهر، لتسهم في رفد الاقتصاد الوطني وتنميته.
ومن المؤشرات المهمة، أن تربية النحل في المملكة قد شهدت تطوراً كبيراً، حتى بلغ عدد طوائف النحل في المملكة أكثر من مليون طائفة، وهي قابلة للمضاعفة، لجهود حكومة خادم الحرمين الشريفين في دعم هذه الصناعة, وتبني بعض الجهات الحكومية وغير الحكومية إدخال مهنة تربية النحل ضمن الحرف التي تستخدم لزيادة مصادر وتحسين دخل الأسر المحتاجة، وما يقوم به الكرسي هو العمل البحثي المنظم، والدراسات المتعمقة لحماية هذه الثروة، وتطوير الصناعة المتعلقة بها، من أجل الاستفادة القصوى، وتحقيق أعلى عائد اقتصادي ممكن.
وتتضح أهمية هذا الدور من خلال تأكيد البحوث العلمية أهمية العسل الغذائية والعلاجية، وازدياد الطلب على أنواع معينة من العسل، مما يتطلب تطوير أساليب الإنتاج واستخدام تقنيات حديثة لرفع الإنتاج، لمقابلة الطلب المتزايد، إلى جانب استغلال المنتجات الأخرى، وهي الغذاء الملكي، وحبوب اللقاح، والشمع، وصمغ النحل، وسم النحل، وتنمية مدارك النحالين ورفع مستواهم المهني من خلال إعداد البرامج التدريبية والإرشادية المتنوعة.
إن ما حققه كرسي المهندس بقشان لأبحاث النحل من إنجازات بحثية وعلمية، وعلاقات دولية لتطوير صناعة النحل، وإسهام في رفع مستوى الوعي لدى النحالين والمواطنين في هذا المجال، فقد استطاع الكرسي نشر أكثر من 76 ورقة علمية في مجلات مصنفة عالمياً، ويمتلك ست براءات اختراع تحت التسجيل، واستطاع تأليف وترجمة 7 كتب علمية متخصصة في مجال نحل العسل، كما يقوم بتنفيذ 8 مشاريع وطنية، إضافة إلى تنظيمه لأكثر من 21 فعالية ما بين ورش عمل ومؤتمرات وندوات دولية متخصصة في عدد من مناطق المملكة، واستطاع عقد 11 دورة تدريبية، وله أكثر من 20 نشرة إرشادية هدفت في مجملها إلى خدمة المجتمع، وكل هذه الإنجازات يعكسه ما ناله من جوائز وطنية وخليجية وعربية وعالمية تقدر بأكثر من 21 جائزة توزعت في ميداليات ذهبية وأخرى فضية وبرونزية من دول مختلفة منها ماليزيا وجنيف وبريطانيا والكويت، وبولندا، وتايوان ، والصين، وكوريا، وكذلك من داخل السعودية، وتأسيس الكرسي لشركة ناشئة تتبع شركة وادي الرياض للتقنية بجامعة الملك سعود وتهدف إلى تحويل ابتكارات الكرسي إلى منتجات تخدم صناعة النحل في المملكة والعالم العربي، واستطاع الكرسي أيضاً أن يصل إلى عمق المناطق التي تتميز بتربية النحل من خلال إنشائه مركزا لأبحاث النحل في المنطقة الجنوبية، وأخيراً التتويج بشهادة الأيزو، التي توضح مستوى الجودة الذي بلغه الكرسي، إن ذلك كله يدل على أن هذا الكرسي، وأمثاله من الكراسي التي حققت نتائج واضحة وملموسة تستحق أن تستمر وتدعم، لأن هذا حق من يعملون، ويجتهدون ويصيبون، ولا بأس أن يخطئوا، وهم يواصلون طريقهم إلى التميز والإبداع.

علي الخبتي        2013-05-03 2:02 AM