أنت هنا

وزير الشؤون الإسلامية مخاطباً طلاب 40 دولة: الله أعظم من حدّث عن النبي

أكد وزير الشؤون الإسلامية والدعوة والإرشاد، صالح بن عبدالعزيز بن محمد آل الشيخ، وسط مئات من طلاب الدراسات العليا للمنح الذين يمثلون أكثر من أربعين دولة حول العالم، ولفيف من المسؤولين بالشؤون الإسلامية، أن السيرة النبوية هي أعظم سيرة وُضعت لـ"الإنسان"؛ كيف لا وهي سيرة محمد بن عبدالله النبي الخاتم عليه أفضل الصلاة والسلام؟ مبيناً أن الكتابات في السيرة النبوية كثيرة، لا يخلو زمن ولا عِقد من الزمن من جديد المؤلفات فيها؛ مشيراً إلى أن أعظم مَن حدّث عن سيرة النبي هو الله في كتابه العزيز عبر وقائع كثيرة.

جاء ذلك في المحاضرة العلمية التي ألقاها الجمعة بعنوان: "السيرة النبوية- قراءة منهجية"، خلال اللقاء العلمي الذي أقيم ضمن الفعاليات التي ينظمها كرسي المهندس عبدالمحسن بن محمد الدريس للسيرة النبوية ودراساتها المعاصرة؛ حيث مضى يقول: "إن هذه المحاضرة أهميتها لطالب العلم خاصة في الدراسات العليا، ومن يرومون الجد في طلب العلم وُجود المنهج، تأتي على خلفية القواعد التي بها يتعامل طالب العلم مع فن من الفنون، ولا شك أن كل فن له أصول، وله مصطلح ينبني فهم هذا الفهم أو هذا العلم عليه".

وأضاف: "فـفي الحديث هناك مصطلح للحديث، وقبله في القرآن وعلومه هناك علوم القرآن، ثم مصطلح الحديث وأصول الفقه، ونحوه اللغة العربية وقواعد البلاغة والمعاني والبيان، ثم في علوم شتى، وفي التاريخ لم يوضع مصطلح، ولا أصول كما هو المعروف في معنى المصطلح أو الأصول".

وأبان أن السيرة النبوية تجمع شيئين؛ تجمع التاريخ، وتجمع السنة؛ فهي من حيث النقل عن حالة النبي -صلى الله عليه وسلم- وأيامه وحياته وصفاته وتعاملاته سنة، وهي من حيث القصة والسرد وما يتصل بذلك تاريخ؛ فإذا السنة النبوية جمعت شيئين، جمعت السنة وجمعت التاريخ؛ ولذلك كان النظر فيها من جهة التاريخ صحيح، وما ينطبق على كتب التاريخ ينطبق عليها من حيث الشروط والدلالات والقواعد، ومن حيث ما يُقبل وما لا يُقبل وأسانيد التاريخ إلى آخره، ومن حيث السنة فإنها سنة لأنها مشتملة على أقوال النبي -صلى الله عليه وسلم- وعلى أفعاله وتقريراته؛ ولهذا كان من المهم جداً أن يكون هناك منهج للناظر.. ولما لم يكن هناك منهج مدون للتاريخ؛ كان هناك منهج ومصطلح مدون للسنة، وكان لبعض الباحثين المتأخرين جهد مشكور في وضع مصطلح للتاريخ، واعتمدوا فيه من جهة نقل التاريخ بالإسناد على ما اشترطه أهل الأخبار في رواية الأخبار".

وأردف يقول: "ولذلك جاءت هذه المحاضرة والكلمة لفتح الباب وتقوية النظر لطلاب العلم في هذا الموضوع المهم؛ لأنه في مثل هذه العجالة لا يمكن أن يُعرض الأمر منهجياً كما يجب؛ ولكن هي مفاتيح في النظر العام في هذا الأمر وفي هذا الموضوع المهم؛ لا شك أن الثقة في الشيء راجعة إلى الثقة في سهولة وجوده ونقله".

وأردف الوزير: "ولهذا فسيرة النبي -يعني أخباره صلى الله عليه وسلم- من مبدأ ولادته وما قبل ذلك إلى وفاته، الناس أسمو هذه الأخبار وهذه القصص وهذه المعلومات والسنن سيرة، والسيرة هي ما يسير في الناس النقل، أو السيرة بمعنى الطريقة كما في قوله تعالى {سنعيدها سيرتها الأولى}؛ يعني طريقتها وهيئتها الأولى، سيرة النبي -صلى الله عليه وسلم- مجموع سيرة كبيرة لكنها صيغت بمسائل الأخبار وطريقة نقل التاريخ؛ ولهذا افترقت عن السنة من حيث هذا الوجه؛ لهذا فإن النظر في السيرة فيما يُقبل منها وما لا يقبل، وفيما يروى منها وما لا يروى، وفيما يستفاد منها وما يُسكت عنه، وما يتصل بذلك من بحوث ترتبط بالمنهج".

ومضى الوزير يقول: "إذا كان الأمر كذلك؛ فإن أعظم مَن يحدّث عن سيرة النبي -صلى الله عليه وسلم- هو الله جل وعلا، وقد حدّث وأخبر الله في كتابه عن وقائع كثيرة من السيرة؛ ابتداء من بعثته بسورة اقرأ وسورة المدثر وسورة المزمل، ثم ما حصل من استماع الجن له {وإذ صرفنا إليك نفراً من الجن يستمعون القرآن فلما حضروه قالوا أنصتوا فلما قضي ولوْا إلى قومهم منذرين}، ثم في المعارك: سورة الأنفال في بدر، وسورة آل عمران في أحد، وسورة الأحزاب في الخندق، وهكذا في أمور كثيرة؛ فإذا القرآن فيه الكثير من سيرة النبي صلى الله عليه وسلم؛ ولكنه على وجه الإعجاز والاختصار والبلاغة، ثم القرآن يفسر بالقرآن والسنة؛ ولذلك تفسير القرآن الكريم فيما جاء من القرآن في سيرة الرسول صلى الله عليه وسلم مصدر مهم من مصادر السيرة النبوية؛ فأول مصدر من مصادر السيرة النبوية في منهجية التعامل مع السيرة هو القرآن الكريم، والقرآن يفسره القرآن كما هو معروف وتفسره السنة، ويفسره الصحابة".

وبيّن: "لذلك تجد أن الآيات التي فيها ذكر النبي صلى الله عليه وسلم، فسرها الصحابة في كتب التفسير بطرق التفسير المقبولة عند علماء التفسير، وقد تتفق أو لا تتفق مع ما هو موجود في كتب المغازي والسيرة"، وزاد: "إذا كانت العناية منهجية، وطلبت روايات السيرة وحوادث السيرة على حقيقتها المنهجية في العناية بما جاء في القرآن العظيم في ذكر أخبار السيرة النبوية؛ لأن في بعض القراءات مزيجاً من الخبر والوصف والقصة التي تضاف إلى ما هو موجود في القراءات الأخرى وتفاسير الصحابة.. إلى آخره".

وواصل مبيناً أن منهج التلقي في السيرة مرتبط أولاً بالقرآن الكريم، ثم بالسنة النبوية المطهرة، والسنة النبوية فيها الكثير جداً من ذكر سيرته عليه الصلاة والسلام من مولده إلى وفاته عليه الصلاة والسلام، إلى أنواع ما كان في مكة المكرمة والمدينة المنورة، وأحواله عليه الصلاة والسلام في إقامته وسفره ومغازيه وسراياه.. إلى آخره.. هذا جعل الكثير من علماء الحديث وحفاظ الحديث والسنة يجعلون من كتب السنة كتباً خاصة بالمغازي والسيرة كما فعل البخاري في كتاب المغازي، وكما فعل الإمام مسلم في صحيحه في كتاب السيرة.

وبعد انتهاء الوزير من محاضرته، ألقى المهندس عبدالمحسن الدريس كلمة ثمّن فيها حضور الوزير وإلقاءه لهذا الدرس العلمي الذي وصفه بالمنهج الواضح للسيرة العطرة للمصطفى صلى الله عليه وسلم.

وفي ختام اللقاء قدّم "الدريس" للوزير، درعاً تذكارية بهذه المناسبة، كما قدّم مجموعة من الكتب العلمية من إنجازات إدارة الكرسي، ثم التقطت الصور التذكارية بهذه المناسبة؛ حيث شهد اللقاء والمحاضرة التي أقيمت في الصالة الكبرى بمنزل المهندس عبدالمحسن الدريس بعد صلاة عشاء الجمعة الماضية، المئات من طلاب الدراسات العليا للمنح الدراسية بالجامعة، الذين يمثلون أكثر من أربعين دولة حول العالم، وعدد كبير من طلبة العلم، ولفيف من المسؤولين بالشؤون الإسلامية.

يذكر أن كرسي المهندس عبدالمحسن بن محمد الدريس للسيرة النبوية ودراساتها المعاصرة، هو برنامج علمي يعنى بالدراسات المتخصصة والبحوث العلمية وصياغة الرؤى والخطط الاستراتيجية للتعريف الشامل بالسيرة النبوية، وتيسير سبل الاقتداء بالرسول صلى الله عليه وسلم في مختلف جوانب الحياة، إضافة إلى تقديم الدعم العلمي والمادي للباحثين في السيرة النبوية لتحقيق أهداف الكرسي.