أنت هنا

كتب: زيدان عودة - الإعلامية

نظمت وحدة أبحاث الشعريات في قسم اللغة العربية وآدابها بجامعة الملك سعود, يوم الثلاثاء 1/3/1436هـ, محاضرة علمية بعنوان) شاعر التجربة وشاعر النص (, قدمها الأستاذ الدكتور معجب الزهراني, أستاذ الأدب والنقد الحديث بجامعة الملك سعود, وعميد الدراسات الإنسانية بجامعة اليمامة والمشرف العام على كرسي غازي القصيبي للدراسات  التنموية الاجتماعية والثقافية.

وأدار اللقاء  الدكتور حسين المناصرة , والدكتورة هند المطيري من الجانب النسائي. وفي بداية اللقاء رحَّب مدير اللقاء بالدكتور المحاضر وبالحضور من قسم اللغة العربية والضيوف الحاضرين من خارج القسم.

ثم قدم الناقد الدكتور معجب الزهراني ورقته التي أكد فيها أن الشعر مما يعرف ولا يعرَف . كالجمال والحب . أو أنه كالزمن الذي نعيشه كل لحظة ،ونتوهم أننا نعرفه  معرفتنا بالأشياء الأليفة من حولنا وما إن نسأل عنه حتى ندرك عجزنا عن القبض عليه كما يقول بورخيس . إنه حالة وجودية للكائن وهوية أصلية للغة التي هي منزله أو موطنه ، وأوضح أن كل شاعر متميز قلق دائما من أسلافه، وقلق من معاصريه الذين يخوضون معه مغامرة ينازعونه فيها الرهان، وأن قلقه يبلغ ذروته حين يستحضر القارئ النموذجي الذي يشبهه وينتظر منه تجاوز منجزه السابق باستمرار.  

وأوضح في محاضرته أن الشاعر العادي تقليديا كان أو حداثيا يبدو سعيدا بذاته فخورا بما قال أو كتب، بينما يكون شاعر التجربة ذو النمط النادر في كل زمن ومكان منذورا لمعاناة متصلة تدفعه إلى المزيد من المغامرة والبحث والاكتشاف، مضيفا: إن وعيه العميق بسمو الشعر وبوعورة الطريق إليه يجعله في مكابدة دائمة، مشبها إياه بكائن تراجيدي، ما أن يصل إلى ذروة ما حتى يرى الهاوية

تحيط به من كل اتجاه . وأشار إلى أن الأسلاف كانوا يسمون هذا النمط من الشعراء بـ «عبيد الشعر»، وأن لنا أن نسميهم عشاقه أو مجانينه أو ضحاياه، موضحا أن الأسماء متعددة, ولكن المؤكد أنهم هم الذين يجددون خطاب الشعر، إذ إن مغامراتهم لا بد أن تفضي إلى تحقيق إضافات نوعية للسائد بقدر ما تؤسس لشيء جديد نسبيا في حقبة معينة، مثل لغة جديدة أو شكل جديد أو حساسية جديدة أو وعي جديد .

وقال: إن ما يميز شاعر التجربة من شاعر النص هو اختلافهما في العمل, فعمل شاعر التجربة يتحول إلى عمل جدي خلاق متصل في لحظة مبكرة من حياته، وهذا التحول يظل متصلا لا تقف الذات على منجز ما، حتى تغريها بما بعدها وما بعده، وأن شاعر التجربة يكون مستقلا ويستطيع اكتشاف ذاته، وأن تكون لديه طاقة إبداعية، وغير ذلك من أمور.                   

ويرى أن هناك من يفضل الأشكال  الشعرية التقليدية  العريقة ، ومن يفضل الأشكال الحرة  الجديدة تفعيلية كانت أو نثرية . بل إن قصيدة النثر التي يقال أنها غير جماهيرية قد تنافس اليوم الشعريات الشعبية  من حيث كم الأسماء والنصوص . و الإصدارات الموسوعية وكتب المختارات و مواقع الشعر على الشبكة الإلكترونية تكشف كثرة الشعراء ووفرة نصوصهم في كل بلد عربي ..
المشكلة تبدأ حين يتدخل النقد كمعرفة تحاول قراءة الظاهرة واستقراء دلالاتها المباشرة أو المستترة . ويرى أنه:" كلما كثر الشعراء قل الشعر" أي ضعفت جودته.

ويذهب الزهراني، من خلال استدلاله فيما ذهب إليه عند الشعراء قاسم حداد ومحمد الثبيتي وعارف الخاجة ، أن الشاعر قاسم حداد تفوق عليهم واستطاع أن يكون بحق شاعر تجربة في هذا العصر، مؤكدا أنه تيقن من ثلاثة أمور في حداد حين عاد من جديد للكتابة عنه, وهي: أنه لم يكتب قط إلا لإعلاء وتكريس ونشر قيم إنسانية عامة عالية، وأنه لم يتوهم ويصدق قط أنه عبر عنها وشخصها بما يكفي وكما ينبغي في كتاباته النثرية أو الشعرية، إضافة إلى أن كتابته لا تكف عن التحول لأن الذات المبدعة لا تكف عن البحث والتجريب لتتجاوز منجزها السابق .     

ثم فتح الباب للمداخلات والأسئلة التي أثرت الموضوع, وفي ختام المحاضرة قام الدكتور خالد بن عايش الحافي رئيس قسم اللغة العربية وآدابها, والدكتور محمدعبدالله منور رئيس وحدة أبحاث الشعريات بتقديم درع وحدة الشعريات للمحاضر تكريما له.                                  

حضر اللقاء رئيس قسم اللغة العربية وآدابها, وجمع كبير من دكاترة القسم, وطلاب الدراسات العليا.