أنت هنا

كتب: إبراهيم أحمد ثابت، علي الجنيدي (الإعلامية)

نظمت وحدة أبحاث السرديات بجامعة الملك سعود محاضرة بعنوان: الرحلة العربية وإنتاج_المعرفة، حاضر فيها الناقد المغربي الأستاذ الدكتور شعيب حليفي، رئيس مختبر السرديات بالمغرب، وأقيمت المحاضرة في قاعة مركز التدريب اللغوي بقسم اللغة العربية وآدابها، بجامعة الملك سعود،اليوم الخميس تاريخ 25/ 4 /1437هـ الموافق 4/ 2/ 2016م. ،الساعة (11) صباحا.

وفي مستهل اللقاء الذي أداره كل من: ‏الأستاذ الدكتور صالح بن معيض الغامدي من الجانب الرجالي والدكتورة ميساء الخواجا من الجانب النسائي، ألقيت كلمة ترحيبية، رُحب فيها بالضيف على استجابته للدعوة في المشاركة في هذا اللقاء، وبالضيوف من خارج الجامعة.

 

بعد ذلك تناول المحاضر في حديثه عن أهمية الرحلة بوصفها قاسما مشتركا بين مختلف النشاطات الإنسانية في البحث عن المعرفة وعن الذات، فضلا عن كونها مفصلا مهما في خطاب الأديان والرسالات السماوية؛ كما تعد أساسا مكينا للشعر في عصر ما قبل الإسلام؛ كما هي أيضا أساسا في السرديات القديمة كملحمة (جلجامش) و (الإلياذة) و (الأوديسة) وصولا إلى (ألف ليلة وليلة), و (المقامات), و(السير الشعبيـة. ثم أفاض الباحث الحديث عن الرحلة وإنتاجها للمعرفة ونوع هذه المعرفة، وأشار إلى أن السفر فعل وجودي ووجود ذهني والرحلة جنس أدبي من مكوناته السفر للبحث عن المعرفة، وإنتاجها وفتح مجريات سردية؛ فالنص الرحلي أنتج أنواعا من المعرفة: معرفة تاريخية وجغرافية أسست فيما بعد بما عرف بكتب المسالك والممالك ومعرفة اجتماعية كما في رحلة ابن بطوطة وأبي بكر المعافري ومعرفة بالذات العربية وبالذات الخاصة وإن كانت لا تقوى على البوح في مواطن كثيرة؛ كما تقدم الرحلة معرفة بالآخر (وهذا الآخر قد يعود إلى الرحلة؛ ليدوّن تاريخه في تلك الحقبة كما في رحلة ابن فضلان) . وهذه المعارف مضافا إليها الخيال (وهو جزء مهم من ثقافتنا) ركيزة النص الرحلي. أما من جهة تجنيس الرحلة فقد أشار المحاضر إلى رحلة أبي بكر المعافري (ما بقي من: ترتيب الرحلة للترغيب في الملة) التي جنّست الرحلة وإلى ( نزهة المشتاق) للشريف الإدريسي التي صارت جزءا من ثقافتنا الجغرافية ثم عرّج على أبي حامد الغرناطي في (تحفة الألباب ونخبة الإعجاب ), وابن جبير في ( تذكرة الأخبار ) التي تنوعت معارفها ما بين معارف سياسية وتاريخية ( وإن كانت عبر مصفاة الذات ) وقد اعتمد ابن بطوطة ما قدمته من معارف، كما أوضح عنصر الأدبية فيها مثلما يظهر من سرد ابن خلدون ( ما كتبه عن تيمور لنك) ولسان الدين ابن الخطيب وما له من درر وسرد رفيع في (خطرة الطيف), ثم اختتم المحاضر محاضرته بنتائج مهمة لخص فيها أهمية النص الرحلي وما يتسم به من تنوع في النص والمؤلف والمعرفة وأن تلك الرحلات سفارية لها طرائقها الخاصة في السرد وتعتمد الإدهاش في إنتاج المعرفة. ثم جاء دور المناقشات الغنية بما طرحه الباحث؛ لتضع تساؤلا مهما عن انشطار الذات في نص الرحلة: إلى ذات ناظرة وذات منظور إليها، كما جاءت مداخلات أخرى تستنكر حشر الرحلة في بعد واحد كالشعر والرواية وأن لا بد من فتحها على تخصصاتها المتعددة كأن تكون، مثلا، وثيقة تاريخية تنتج معرفة جديدة بالتاريخ، كما تساءلت مداخلات أخرى عن حرية التعبير في النص الرحلي ومدى مزاحمة الرحلة الرقمية لها، وقد كان من ضمن ما أجاب به المحاضر عن أسئلة المتداخلين بأن الرحالة لا ينقل التفاصيل أحيانا ويحجم عن البوح بمشاعره؛ فيكون خطابه مراوغا لعالم خطابه .

حضر المحاضرة من خارج الجامعة الناقد المغربي الأستاذ الدكتور سعيد يقطين، والدكتور حافظ المغربي من مصر، والدكتور محمد ربيع الغامدي من جامعة الملك عبد العزيز بجدة، والدكتور نبيل المحيش أستاذ الأدب بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية، وعدد من الأدباء والمهتمين بالدراسات الرحيلة. وحضر من داخل الجامعة عدد من أعضاء وعضوات هيئة التدريس وطلاب وطالبات الدراسات العليا والجامعية في قسم اللغة العربية وآدابها وأقسام كلية الآداب.

وفي نهاية المحاضرة قاما رئيس قسم اللغة العربية الدكتور خالد الحافي، ومدير الجلسة الدكتور صالح الغامدي بمنح المحاضر الدكتور شعيب حليفي شهادة تقديرية ودرع وحدة أبحاث السرديات.

الجدير بالذكر أن الأستاذ الدكتور شعيب حليفي الأستاذ الجامعي بجامعة الدار البيضاء ورئيس مختبر السرديات وماستر السرد الأدبي الحديث ودكتوراه تحليل الخطاب السردي، أحد أهم المشتغلين على الخطاب الرحلي على المستوى العربي. ومن تآليفه في المجال النقدي:

الرحلة في الأدب العربي: التجنس،آليات الكتابة ،خطاب المتخيل .

شعرية الرواية الفانتاستيكية.

هوية العلامات: في العتبات وبناء التأويل.

مرايا التأويل: تفكير في كيفيات تجاور الضوء والعتمة.

عتبات الشوق (من مشاهدات الرحالين المغاربة في الإسكندرية والقاهرة).